زياد الهاني: كلمة حق في منذر الزنايدي: رجل مشهود له بالكفاءة "مشى في العفس" الثورجي

NessTunisia
www.facebook.com/NessTunisia

تعتبر قضية الوزير السابق منذر الزنايدي نموذجا معبّرا عن مدى الظلم الثورجي الذي قد يتسلط على مسؤول ناجح بهدف إقصائه من ساحة الفعل السياسي. وهي تعكس أيضا بشكل صارخ مدى انحطاط بعض المشتغلين بالحقل السياسي ممّن يعميهم شبق السلطة واللهفة لكرسي الحكم عن أبسط الاعتبارات الأخلاقية، لأن السياسة دون قيم أخلاقية تؤطرها تصبح شكلا من أشكال الدعارة.
قضية منذر الزنايدي انطلقت من عريضة وجهتها وزارة التجارة، التي عاد أقطاب الفساد والإفساد فيها بقوّة هذه الأيام، إلى اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق ذات الدور المشبوه الذي يستوجب تدقيقا وتمحيصا، تعلمها فيها بقضية فساد مرتبطة بها تتمثل في قيام الوزير منذر الزنايدي في حق الوزارة بتسوّغ عقار بمنطقة البحيرة لإيواء بعض مصالحها. وذكرت العريضة أن صاحب العقار استغل علاقته بالرئيس الأسبق للحصول على منافع لا حق له أضرت بمصالح الوزارة، تتمثل في فرض قيمة كرائية للعقار تتعارض مع تقديرات وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية. وجاءت الاختبارات القضائية لتؤكد بطلان ادعاءات القائمين بالدعوى حيث ثبت أن قيمة معيّن كراء المتر المربّع الواحد للعقار عند وقوع التسويغ يبلغ 118 دينارا، في حين تسوّغته الوزارة بـ 100 دينار فقط. وبالتالي فإن الوزارة لم تتضرر من الصفقة بل استفادت منها!؟
المطّلعون على الملف استغربوا ما حصل وتساءلوا عن دوافعه، خاصة وأن الوزير الزنايدي مشهود له بالكفاءة والنزاهة ولا يمكنه أن يورّط نفسه فيما يدينه. صحيح أن أبواب الرجل كانت دائما مفتوحة في وجه قاصديه، لكن تدخلاته كانت تجري في إطار الاحترام الكامل للقانون وأساسا لتسريع بعض الملفات التي تعطلها البيروقراطية الإدارية البغيضة.
لكن إذا علمنا بما كان يحاك وقتها في الكواليس لإعادة لملمة النظام المتداعي بعد الإطاحة برأسه، وتكريس هيمنة طرف معيّن عليه في إطار لعبة إعادة توزيع الأوراق والمواقع، يمكننا أن نفهم لماذا تمّ التخطيط لاستبعاد الوزير منذر الزنايدي رجل الدولة القدير وابن سبيبة من ولاية القصرين المناضلة إحدى أهم مهاد الثورة ومواطن الشهداء.
كان مطلوبا قطع الطريق على منذر الزنايدي لمنع أيّ تغيير في التوازنات المتحكمة في مواقع السلطة والقرار، وكأن أبناء القصرين والدواخل المهمشة والمحرومة مواطنون من الدرجة الثانية لا حق لهم في مواقع السيادة في بلدهم؟
القضية تمّ ترحيلها إلى جلسة 27 ماي المقبل لاستدعاء وزير أملاك الدولة السابق رضا قريرة. هذا الملف “الفضيحة” الذي تحكمت فيه الألاعيب السياسية ومطامع الراكضين خلف سراب الحكم، آن له أن ينتهي بحكم قضائي عادل يجسد سلطة المؤسسة القضائية كضامن للحقوق وسدّ منيع في وجه المتهافتين على السلطة بسلاح الباطل.
نسوق هذا الحديث ونحن لا نقصد التدخل في القضاء أو التأثير عليه، وإنما هي كلمة حق نعلنها ولا نخشى لومة لائم في ذلك.
*المصدر: جريدة "الصحافة اليوم"، العدد الصادر يوم الجمعة 11 أفريل 2014

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...